الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية المنصف بن مراد يكتب للباجي قائد السبسي: وسقطت الأندلس!

نشر في  01 جويلية 2015  (10:03)

بقلم محمد المنصف بن مراد


كتبت في أكثر من مناسبة أنّ حكومات الترويكا هي التي زرعت بذور الارهاب في تونس العزيزة، وذلك بما أظهرت من ميوعة وتخاذل مع الحركات العنيفة وانتشار الأسلحة.. واليوم بعد انتخابك وحزبك، عينت أضعف حكومة، وقد ناشدتك تعيين رئيس حكومة من الجيش الوطني لإنقاذ البلاد لكنك تواصل عدم الاستماع للاقتراحات والنصائح، واذا بك تعيش مع حاشيتك في قصر قرطاج لا تستمع لمن يخالفك الرأي... وبعيدا كلّ البعد عن معاناة الشعب والتهديدات المدمّرة والارهاب القاتل! فلماذا لم تسع الى الانتفاع بأفكار قيس سعيد وسمير بالطيب وسفيان بن فرحات وحمة الهمامي وألفة يوسف وليلى طوبال وسلمى بكار ونقابات الأمن الجمهوري وفاضل موسى ومحمد بوغلاب والكزدغلي للانتفاع بارائهم؟

فعلى صعيد الأمن، لم تضع حكومتك استراتيجية شاملة لسحق الارهابيين (الخيار الهجومي، التمركز، الوسائل، التمويل، التخطيط، المساجد، التهريب، الجمعيات الخيرية، المدارس الدينية، التمويلات الخارجية، الاعلام المساند للارهاب، التنسيق بين الجيش والحرس والأمن، تعيين قيادات أمنية وعسكرية صلبة وغير مشبوه فيها، مراقبة الشبكات الاجتماعية والانترنات، مكافآت هامّة للمخبرين، القضاء غير الصارم، ابعاد كل المنتمين لحركات دينيّة من القيادات في الجيش والأمن الحدودي، التفكير في تكوين وحدات مدنية مسلحة تحت رقابة الجيش، مصارحة الشعب بالتهديدات، البروباقندا لرفع معنويات الجيش والأمن والشعب، التحالفات مع الخارج منع الإضرابات لمدة سنة، حرب استباقية في ليبيا..)..

لقد كان من المفروض تكوين لجنة من الخبراء في الارهاب، لكن بكل أسف اقتصرت على اتخاذ بعض الاجراءات غير الكافية وتونس على وشك السقوط! فحذار من المقرّبين الذين يقدّمون لك صورا متفائلة وجميلة، انهم يساهمون في تحطيم البلاد ويهدّدون مستقبلها! كلنا مغادرون هذه الحياة لكن تونس باقية..

في ما يخصّ الأمن، لم تتخذ الى يومنا هذا الاجراءات الرّادعة لحماية السياحة على سبيل المثال! اذهب الى الحمامات أو جربة أو نابل، وستدرك أنّ هذه المدن السياحيّة لم تقع حمايتها بحرفية منذ الهجوم على متحف باردو! انّه بإمكان أيّ كان أن يدخل هذه المدن بكل سهولة، فلا تفتيش للسيارات ولا وحدات أمنية في النزل ولا بين النزل! يمكن لأيّ كان ان يدخل القنابل والكلاشنكوف لكل المدن السياحية إذا أراد ذلك!

ورغم مطالب أصحاب النزل لم ينجز الكثير على الصعيد الأمني، واثر حادثة القنطاوي صدرت قرارات بصفة متأخرة جدا بما أنّ النزل شرعت في غلق أبوابها! وفي موقف غزير بالمعاني، صرح وزير الداخلية ان صاحبة نزل مرحبا هي التي أعلمته بالهجوم! بكلّ صراحة، انّ القاضي ناجم الغرسلي ليس مؤهّلا لإدارة وزارة الدّاخلية شأنه شأن سلفه لطفي بن جدو! لذلك فإمّا ان يقود هذه الوزارة رجل حديدي والا غرقت تونس كما غرقت الأندلس! فكفى حسابات سياسية مضرّة بالبلاد، وهي حسابات فرضت -وإلى يومنا هذا- قيادات أمنية علي كل الأصعدة عينتها النهضة في عهد الترويكا! إنّ تونس في خطر!

انّ عدم تحصين النزل سيسبّب خسائر هائلة تفوق الألف مليار من مليماتنا بالعملة الصّعبة، فمن سيدفع بالأورو أو الدولار استيراد الأدوية وقطع الغيار والسيارات والحواسيب والحافلات والـ500 مليار التي ستقرّها شركة «أوريدو» كمرابيح سنوية وخلاص القروض؟

بعد ان تحطم قطاع الفسفاط بسبب الاحتجاجات والطلبات المشطّة واحتجاجات الكسالى وبعض الصادقين، وتسبب ذلك في خسارة تفوق 3000 مليار من العملة الصعبة، ها انّ الارهاب يضرب بقوة الركيزة الثانية للبلاد، وهي السياحة التي كانت توفر قرابة 3000 مليار من مليماتنا للاقتصاد الوطني وتشغل بصفة مباشرة أو غير مباشرة 800.000 مواطن ومواطنة! فلماذا لم تتعظ الحكومة بحادثة متحف باردو؟ هل انّ رئيس الحكومة ووزير الداخلية غير واعييْن بالأخطار؟ هل أذنا بالتخطيط من أجل حماية المدن السياحيّة والنزل بسرعة قصوى؟

إن ما يستنتجه الملاحظ الأمين هو انّ تونس وقع زعزعتها بتدمير القطاعين اللذين يضمنان عائدات بـ6000 مليار من مليماتنا! هل تعلم انّه خلال السنوات الأربع الأخيرة أصبحت لأقلية من الأمنيين ورجال الديوانة والحرس علاقات «طيبة» مع المهرّبين ـ أصدقاء الارهابيين ـ  وهي علاقات يوظّفها المجرمون لتمرير ما يشاؤون.. فإذا كانت حدودنا والمنظومة الدّفاعية مخترقة فانّ حربنا على الارهاب ستنتهي بتدمير تونس!

هل تعلم يا سي الباجي انّ في تونس أشخاصا نافذين ـ وهم محميون ـ بإمكانهم أن يزوّدوك حتى في بيتك بما تريد شرط ان توفر لهم العمولة؟ هل تعلم ان منظومة التهريب أصبحت تتحكم في مناطق حدودية تسمح بتمرير المال والبضائع والأسلحة والارهابيين بكل سهولة؟ وهنا مكمن الداء: هناك حماية سياسية بفضل العلاقة «الطيبة» والمثمرة بين كبار المهرّبين وأطراف من الإدارة وبعض الأحزاب النافذة؟ هذه حقائق لم يصارحك بها أحد لأنّ مصالح البعض مرتبطة بالفساد والقوى السياسيّة!

انّ تونس بحاجة الى حكومة قوية جدا لأنّ حاضرنا ومستقبلنا في خطر.. فمع الارهاب والانفلات الاجتماعي وتدمير المؤسّسة التعليمية من قبل من يريدون اركاع الحكومة -ولأننا نفتقر الى عزيمة وحكومة فولاذيتين- فإنّ تونس في خطر قاتل اذا لم تتحرّك ولم تتحمّل مسؤوليتك كاملة.. فاترك جانبا الضغوطات الأمريكية التي قرّرت مصير البلاد وتوازناتها السياسية، واترك جانبا النّصائح والآراء المدمّرة  لتونس والتي تصوّر لك أوضاعنا وردية «بفضل سياستك الرشيدة»، واتخذ قرارات وطنية موجعة لإنقاذ البلاد..

اذا لم تعيّن حكومة حرب وتتخلص من كل الضغوطات الحزبية، ستغرق تونس كما غرقت الأندلس.. صارح الشعب وكن مثل بورقيبة وساهم في إعداد جيش وشعب وأمن قادرين على سحق كل الهجومات التي قد تشن على الأماكن العامة والسجون والنزل والثكنات والا صارت بلادنا مجرد صور وذكريات وتحوّلت الى بلد للدم والفقر.

هل سألت وزير الداخلية ووزيرة السياحة ما هو مصير 200.000 تونسي وتونسية سيفقدون مواطن شغلهم بعد العمليات الارهابيّة وما هي مسؤوليتهما في هذه الكارثة؟ لقد سقطت الأندلس بسبب ميوعة حكامها!